منذ شهرين
شاكر خدر
تحرير الفتاة الأيزيدية فوزية أمين سيدو في الآونة الأخيرة، بعد سنوات من المعاناة بين أيدي داعش، يعد نقطة ضوء في ظلام طويل عاشته الأيزيديات المختطفات. مع ذلك، هذا الحدث يعيد فتح الجراح ويثير تساؤلات ملحة حول مصير بقية المختطفات، والإهمال المتزايد لقضيتهن.
فرغم الجهود المبذولة، يظل ملف المختطفات الأيزيديات ملفًا مهملاً من قبل الجهات الرسمية، ويبدو أنه يطفو على السطح فقط عندما تتحرر إحدى الناجيات في عملية دولية معقدة.
منذ سقوط داعش في 2017، تم تحرير عدد من المختطفات، لكن العدد الأكبر منهن لا يزال مجهول المصير. كل عملية تحرير جديدة تُظهر لنا الحقيقة المرة: أن هؤلاء النساء تم نسيانهن في زحمة الأزمات السياسية والأمنية الأخرى.
تساؤل منطقي يطرح نفسه: هل يُعقل أن تمر سنوات طويلة دون تحقيق نتائج ملموسة بشأن المختطفات المتبقيات؟ أم أن هؤلاء النسوة أصبحوا في طي النسيان، وتعرضت قضيتهن للتهميش المتعمد؟
رغم بعض الإنجازات، مثل تحرير فوزية بفضل الجهود المشتركة بين وزارة الخارجية العراقية وأطراف دولية أخرى، فإن القضية لا تزال بحاجة إلى مزيد من الزخم والمتابعة الحثيثة. تحرير مختطفة واحدة بعد سنوات من الاحتجاز هو إنجاز، ولكن السؤال الذي يجب أن نطرحه هو: أين الجهود الحقيقية للبحث عن الأخريات؟ أين البرامج المخصصة لدعم الأهالي والمجتمعات في تقديم المعلومات الضرورية لتسريع عمليات التحرير؟ يبدو أن جهود البحث عن المختطفات لا تزال بعيدة عن المستوى المطلوب.
إضافة إلى ذلك، فإن تحرير بعض المختطفات بمساعدة دولية متعددة الأطراف يسلط الضوء على الحاجة إلى تعاون دولي منظم ومستدام لتعزيز عمل لجنة مختصة بالبحث عن هؤلاء النساء. رغم التعقيدات السياسية والأمنية، لا يمكن لأي دولة أن تعمل بمفردها في قضية تتداخل فيها المصالح والجهود الدولية. هذه اللجنة يجب أن تكون منفتحة على كل الجهات التي يمكن أن تقدم معلومات أو مساعدات. كما يجب أن تكون هناك إرادة سياسية واضحة لتعزيز الجهود وتسريع وتيرة التحرير.
الأيزيديات المختطفات يمثلن جرحًا مفتوحًا في ذاكرة المجتمع العراقي والدولي. إذا استمر هذا الملف في التهميش، فإن المجتمع الدولي والحكومة العراقية سيظلان مقصرين تجاه هذه القضية الإنسانية. الحل لا يكمن فقط في تحرير الناجيات، بل في تبني رؤية شاملة تشمل إعادة التأهيل، الدعم النفسي، والاندماج الاجتماعي والاقتصادي لهؤلاء النساء، حتى لا يشعرن بأنهن مجرد أرقام في ملفات دبلوماسية، بل جزء من نسيج مجتمع عانى، ولا يزال يعاني، من آثار الإرهاب.
اليوم، يجب أن نُذكر العالم بأن المختطفات الأيزيديات لسن قضية يتم التحدث عنها فقط في مناسبات عابرة. نحن بحاجة إلى جهد حقيقي لتعزيز عمل لجنة خاصة تعمل بجدية أكبر وشفافية أوسع من أجل إعادة هؤلاء النساء إلى الحياة التي سُلبت منهن.