منذ شهرين
جيا بريس - ليث حسين
في أعماق تربة تلعفر غرب محافظة نينوى، تُكشف فصول من معاناة لا تزال محفورة في ذاكرة سكانها. مقابر جماعية تروي قصص ضحايا سقطوا في أوج فوضى العنف والإرهاب، حين مزقت هجمات تنظيم داعش نسيج المجتمع، تاركة وراءها مئات المفقودين وآلام عائلاتهم التي ما زالت تنتظر بصيص أمل لمعرفة مصير أحبائهم. وبينما تواصل الفرق المختصة فتح هذه المقابر، لا تقتصر التحديات على رفع الرفاة، بل تمتد إلى إعادة إحياء ذكرى الضحايا واستعادة حقوقهم الإنسانية.
أعلن الفريق الوطني المختص بفتح المقابر الجماعية عن بدء عمليات التنقيب في مقبرة جديدة بحي سعد شرق تلعفر، محافظة نينوى. المقبرة، التي لم تكن مدرجة ضمن الخطط السنوية، اكتُشفت بعد العثور على رفات جديدة داخل موقع مدرسة قيد الإنشاء. ومن المقرر أن تستمر أعمال التنقيب لمدة عشرة أيام، يتم خلالها رفع جميع الرفاة وتسليمها إلى دائرة الطب العدلي في بغداد.
استئناف الأعمال في مقبرة "علو عنتر"
بالتزامن مع فتح مقبرة حي سعد، استأنف فريق التنقيب أعماله في مقبرة "علو عنتر" شمال تلعفر، والتي تضم رفات ضحايا هجمات تنظيم داعش الإرهابي على الأيزيديين والتركمان. وقد مرت عملية التنقيب في مقبرة "علو عنتر" بعدة مراحل، حيث بدأت المرحلة الأولى في أيار الماضي واستمرت لمدة 25 يومًا، تبعتها مرحلتان أخريان على مدار 50 يومًا إضافية، وتم خلالها استخراج 159 رفات نُقلت بشكل أصولي إلى دائرة الطب العدلي لأغراض المطابقة.
المرحلة الرابعة من أعمال التنقيب
حاليًا، يعمل الفريق في المرحلة الرابعة من التنقيب في "علو عنتر"، وهي المرحلة الأخيرة والمقرر أن تستمر حتى التاسع من تشرين الأول المقبل. وقد تم بالفعل تأشير عدد من الرفاة، ويجري رفعها بشكل منتظم، بينما يتوقع أن تسهم هذه المرحلة في تحديد المزيد من الضحايا المفقودين.
وفي حديثه لشبكة لـ"جيا بريس"، قال أحمد قصي، رئيس فريق التنقيب عن المقابر الجماعية: "باشرت كوادرنا بفتح مقبرة حي سعد في تلعفر بعد اكتشاف رفاة جديدة. تم إبلاغ الدائرة وتشكيل فريق فني لإجراء الكشف الأولي والتأكد من وجود المقبرة و سيتم رفع جميع الرفاة وتسليمها إلى دائرة الطب العدلي في بغداد".
وأضاف قصي أن هذه المقبرة لم تكن ضمن الخطط السنوية، بل تم إدراجها ضمن خطة استثنائية بسبب الاكتشاف غير المتوقع.
مشيراً إلى أن "الأعمار والجنس لا يمكن التكهن بهما في هذه المرحلة"، مؤكدًا أن دائرة الطب العدلي ستتولى تصنيف الحالات وتحديد التفاصيل الدقيقة لكل رفات.
التوثيق والمطابقة
يتطلب تحديد هوية الضحايا جمع معلومات من ذوي المفقودين وسحب عينات دم مرجعية لأغراض المطابقة. هذه العملية تعتبر جزءًا أساسيًا من جهود التوثيق التي تسعى إلى إعادة الحقوق لأسر الضحايا وإغلاق ملف المفقودين. ومع ذلك، لا تزال هذه الجهود تواجه تحديات كبيرة بسبب العدد الكبير من الرفاة التي يتم العثور عليها في هذه المقابر الجماعية.