انخفاض المياه تسبب بحرمان الأهالي من أشهر منطقة سياحية في سنجار



مقالات | 555
منذ سنة

الياس قيراني

 

تعد منطقة “كرسي” التابعة لناحية سنوني قبلة سياحية بالنسبة لأهالي سنجار وحاضنة لمسراتهم وأفراحهم، منذ مئات السنين لتفريغ شحناتهم السلبية والاستمتاع بأجواءها الخلابة وهواءها النقي وفاكهتها اللذيذة، حيث تنتج كرسي ألذ تين في المنطقة وهو” تين سنجار” المشهور على مستوى المنطقة وكما هي معقل”التبغ” السنجاري المشهور بنكهته الطبيعية المحلية الخالية من المواد الكيميائية.

 

وبعد انخفاض المياه الموسمية وحفر الآبار الارتوازية قربها مما أدت إلى جفاف منبع “بيرخاي” من تدفق المياه نحو وادي كرسي السياحي وحرمان الأهالي من زيارتها والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الجميلة التي كانت تحتضن الناس كما تحضن الأم أولادها، وتقليص إنتاج التبغ بنسبة مايقارب ٤٠٪ مقارنة بالسنوات الأخرى التي كانت سابقاً تنتج ما يقارب ٣٠ طن من التبغ الأصلي.

 

وبعد جفاف المنبع أضطر الأهالي إلى تقليص الزراعة والإنتاج بسبب قلة المياه المتدفقة من الآبار مما تسبب بانخفاضها. بشكل كبير إلى نسبة حوالي ١٥ طن او أقل، حسب زيارتي أنا الكاتب للمنطقة وعمل تقرير عنها في عام ٢٠٢١ لوكالة أيزيدي نيوز الإعلامية. حيث ناشد المزارعون دائرة زراعة الشمال سنوني بحل مشكلة المياه ولكن حسب قول الأهالي لم يهتم دائرة الزراعة بمتابعة الموضوع.

 

وهذا الإهمال من جانب الأهالي الذين يحفرون الآبار وإهمال دائرة الزراعة بالموضوع وعدم أخذ الموضوع بشكل جدي قد جعلت من النعمة نقمة للمنطقة.

 

وقد ينخفض الإنتاج بشكل سنوي وحرمان الأهالي من مناطق سياحية كمنطقة “كرسي” كون الأيزيديين يحترمون الطبيعة ولديهم أعياد ومناسبات كثيرة تذكر ذلك وخلال هذه المناسبات كان الناس تخرج إلى النزهات مع عائلاتهم لقضاء وقت جميل وتفريغ ذاكرتهم من هموم صدمات المتبقية من الإبادة التي حلت بهم عام ٢٠١٤ وأيضاً من العمل اليومي المتراكم كون الطبيعة تشفي النفس من كل السلبيات وتسحب الطاقات السلبية وتعطي الهدوء والراحة والصبر والتأمل الأوكسجين الطبيعي.

 

وعلمنا الديني يشير إلى الاهتمام بالماء والطبيعة كونها جزء لا يتجزأ منا وكما يقول المثل “الماء معمرة” “ئاڤ ئاڤانیە” أينما يوجد الماء توجد الحياة وتثبت سبقة من العلم الأيزيدي ذلك بقول: إذا رأيت أرضاً فأشر إليها وإذا رأيت مؤمناً أعبده، وإذا رأيت شجرة قبلها” وكما تقول حكمة أيزيدية “ها دار بڕ ها سەر بڕ”، أي تعني سواء كان قاطع أشجار او قاطع رؤوس، هكذا يوصي أجدادنا ونصائح علماءنا لنا بالاهتمام بكل شيء حي واحترام الطبيعة ولكن يبدو أن الإهمال وعدم تطبيق ما يقال لنا جعل من مناطقنا السياحية ومياءها أرض قاحلة بسبب حفر الآبار بكثرة وبشكل عشوائي وقطع الأشجار بدون رحمة.

 

وهذا ما نتج عنها: احتباس حراري وارتفاع درجات الحرارة وانخفاض في الإنتاج وشراء المياه والحرمان من السفرات والاستمتاع في حاضنة الطبيعة. لعل هذه الرسالة تجعل من حفر الآبار وقطع الأشجار والحرمان إلى تدفق المياه ومعها تدفق الناس إلى الطبيعة، كما تعود الماء إلى مجاريها يعود الاهالي إلى الاهتمام بالطبيعة والمياه.